ثرثرةٌ على ضفاف النسيان | ٢ | بحر العلاقات

(رسائل إلى نفسي.. لعلّها تذكّرُ أو تنفعها الذكرى)



" ستتعلم مع العمر والتجربة كيف تبحر بقاربك بسلاسةٍ وأمانٍفي بحر العلاقات المضطرب حيناً والهادئ أحياناً " 

هل تعتقد أنهم بالفعل يهتمّون لأمرك؟
أولئك الذين قد تصرفُ الكثير من الجهد والوقت والاهتمام لإرضائهم..
أولئك الذين ربما تسمّيهم معارفك وأقاربك وزملائك وغيرها من الأسماء التي تعرفها..
أولئك الذين إن أقبلت ابتسموا لك في وجهك، وإن أدبرت تحدّثوا عنك في غيابك بلا رحمة!
ولماذا تعتقد أنهم سيفعلون؟
لا تكن ساذجاً إلى هذا الحدّ..
ولتكنْ واقعيّاً مثلي..
إنها طبيعة أغلب البشر في كل زمانٍ ومكانٍ بلا استثناء.
ولذلك، أرجوك أن تتوقّفْ عن الاعتقاد بأن الجميع سيحبك ويثني عليك لمجرد أنك تريد ذلك..
لمجرد أنك قد تجتهد لتكون لطيفاً ومهتمّاً لأمرهم!
مع أنهم في الحقيقة لم يطلبوا منك أن تفعل، وذلك لأنهم وببساطة يأخذون منك ما يريدون، دون زيادةٍ أو نقصان!
توقّفْ عن رفع سقف التوقّعات، كي لا تُصاب بذات الصدمة والوجع مع كل علاقةٍ ستسمّيها بعد حينٍ بـ(الخاسرة).
الأمر لا يستحق منك كل هذا العناء..
صدّقني..
ستتعلم مع العمر والتجربة كيف تبحر بقاربك بسلاسةٍ وأمانٍ في بحر العلاقات المضطرب حيناً والهادئ أحياناً..
وستتعلم أيضاً أن عائلتك وأهلك وأحبائك وأصدقائك الحقيقين هم وحدهم من سيواصلون معك الإبحار..
أما أكثر أولئك الآخرين فسيعتلون قاربك، وسرعان ما سيقفزون منه حسب الأحوال والأهواء والمصالح!
إذاً، كل ما عليك فعله هو أن تعاملهم بالمثل، وأن تنزلهم منازلهم التي تليق بهم، لا بك..
هذا لا يعني أبداً أن تعامل كل الآخرين ابتداءً بسوء نيّةٍ أو بتوجّسٍ لا يبعث على الطمأنينة..
لا، لا..
عاملهم كما تشاء، بما يمليه عليك ضميرك وأخلاقك، ولا تنسى أن تُحسنْ ما استطعتْ..
ولكن إنْ أحسنتَ فإيّاك أن تنتظر من أحدٍ شيئاً بالمقابل، وأعترفُ بأنها مهمّةٌ صعبةٌ لها ثمنها، ولكنها ليست بالمستحيلة، خاصةً لمن عوّد نفسه أن يتذوّق طعم العطاء بلا مقابل.
أخيراً، لا تقلق..
لأن من يحبك ويهتم لأمرك منهم، وهم بلا شكّ قليلون..
من يستحقّ منهم أن تتعب من أجله فستعرفه مع الأيام والمواقف بعقلك قبل قلبك.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ثرثرةٌ على ضفاف النسيان | ١٣ | غرور

رحلة بريّة

الوعي⁩.. نواة الإنسانية والحضارة