ثرثرةٌ على ضفاف النسيان | ٨ | دنيا..

(رسائل إلى نفسي.. لعلّها تذكّرُ أو تنفعها الذكرى)

" الدنيا كما سمّاها خالقنا دُنيا وليست عُليا، 
لأنها في أصلها مليئةٌ بالدنايا والامتحانات والكدر"

تبدو هذه الأيام حزيناً بشكلٍ استثنائي لأنك تشعر بالظلم..
لأنك تشعر بأن الدنيا قد تآمرت عليك أكثر مما ينبغي، ولم تنصفك كما تستحق!
ألأنك لم تنلْ منها ما سعيتَ من أجله، وما ترى نفسك جديراً به أكثر من غيرك؟
ويحك!!
وما الجديد في كل ذلك!!
لقد أثرتَ حفيظتي وحنقي كما لم تفعلْ من قبل..
حسناً، فمع أني أعلمُ أنك تعرف سلفاً كل ما سأقول، ومع ذلك سأذكّرك به كما أفعل في كل رسائلي التي أبعثها إليك..
من باب؛ ذكّر فإن الذكرى تنفعُ المؤمنين.
لعلّ وعسى..
أولاً، من قال لك إن هذه الدنيا جمعيةً خيريّة تكافئ دوماً كل من يستحق المعونة والإحسان؟
ولماذا تفترضُ من الأساس أنها يجب أن تنصفَ الجميع في كل الأحيان؟
ثانياً، إن الدنيا لو كانت كما تأملُ منها أن تكون لأصبحتْ اليوم الآخر لا الدنيا..
لأصبحتْ تُسمّى دار الحقّ والجزاء والإنصاف لا دار الزيف والابتلاء والمظالم.
ثالثاً، الدنيا كما سمّاها خالقنا دُنيا وليست عُليا، لأنها في أصلها مليئةٌ بالدنايا والامتحانات والكدر، وإن أصبتَ فيها شيئاً من العدل والمكافأة والسعادة فهو استثنائيٌّ وزائلٌ لا يُعوّلُ عليه.
هذا لا يعني أبداً أن تستسلم للظلم والقهر ما استطعت، بل يعني أن تضع الأمور في نصابها الذي يناسبها دون أن ترهق نفسك بما لا تطيق.
انظر في أحوال الدنيا بعين المتفكّر، انظر حولك جيداً وتأمّل واستبصر..
ستدرك حينها الحقيقة المجرّدة التي لا مراء فيها.
وعندئذٍ فقط، جديرٌ بك كمؤمنٍ فطِن أن تأخذ هذه الدنيا كما هي فترضى بمرّها وظلمها دون سخط، وتفرح بما يأتيك فيها من المباهج دون تجاوز.
وبعد هذا، علامَ كل هذا الحزن والقهر؟
فقط عاملها كما هي وليس كما تأمل منها، وستكونُ على ما يرام.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ثرثرةٌ على ضفاف النسيان | ١٣ | غرور

رحلة بريّة

الوعي⁩.. نواة الإنسانية والحضارة