المشاركات

عرض المشاركات من أبريل, 2019

ثرثرةٌ على ضفاف النسيان | ٨ | دنيا..

(رسائل إلى نفسي.. لعلّها تذكّرُ أو تنفعها الذكرى) " الدنيا كما سمّاها خالقنا دُنيا وليست عُليا،  لأنها في أصلها مليئةٌ بالدنايا والامتحانات والكدر" تبدو هذه الأيام حزيناً بشكلٍ استثنائي لأنك تشعر بالظلم.. لأنك تشعر بأن الدنيا قد تآمرت عليك أكثر مما ينبغي، ولم تنصفك كما تستحق! ألأنك لم تنلْ منها ما سعيتَ من أجله، وما ترى نفسك جديراً به أكثر من غيرك؟ ويحك!! وما الجديد في كل ذلك!! لقد أثرتَ حفيظتي وحنقي كما لم تفعلْ من قبل.. حسناً، فمع أني أعلمُ أنك تعرف سلفاً كل ما سأقول، ومع ذلك سأذكّرك به كما أفعل في كل رسائلي التي أبعثها إليك.. من باب؛ ذكّر فإن الذكرى تنفعُ المؤمنين. لعلّ وعسى.. أولاً، من قال لك إن هذه الدنيا جمعيةً خيريّة تكافئ دوماً كل من يستحق المعونة والإحسان؟ ولماذا تفترضُ من الأساس أنها يجب أن تنصفَ الجميع في كل الأحيان؟ ثانياً، إن الدنيا لو كانت كما تأملُ منها أن تكون لأصبحتْ اليوم الآخر لا الدنيا.. لأصبحتْ تُسمّى دار الحقّ والجزاء والإنصاف لا دار الزيف والابتلاء والمظالم. ثالثاً، الدنيا كما سمّاها خالقنا دُنيا وليست عُليا، لأنها في أصلها مليئةٌ ب...

ثرثرةٌ على ضفاف النسيان | ٧ | التسامي والتعامي

(رسائل إلى نفسي.. لعلّها تذكّرُ أو تنفعها الذكرى) " إن التعقّل والحكمة يمليان على كل لبيبٍ اللجوء إلى فنّ التغافل كردّ فعلٍ ناضج على كل استفزازات أولئك التافهين، ما لم تصل السهام إلى العِظام!! " أغمض عينيك وكأنك لم ترَ شيئاً.. أغلق أذنيك وكأنك لم تسمع شيئاً.. ضع أعصابك في ثلّاجة اللامبالاة، وأمسك عليك لسانك وكأنك أبكم.. فلو فكّرتَ قليلاً كما يفعل العقلاء لتغافلت عن كثيرٍ ممّا يجري حولك ويستفزّك، وبالطبع فأنت لا تفعل ذلك من أجلهم، فهم حتماً لا يفهمون رقيّك، بل من أجلك ومن أجل راحة بالك. ابدأ بالتغافل عن زلّات أحبابك وأصحابك، وهي قليلةٌ وناتجةٌ إمّا عن لحظة غضبٍ ستزول أو سوء فهمٍ لن يطول. أما التغافل الحقيقي فمسرحه عالم اليوم الذي يعجّ بالتافهين والحمقى والمارقين والذين لا يجيدون في حياتهم غير الاستفزاز، وستجدهم في كل مكانٍ من حولك، في الحيّ والشارع والعمل والسوق، وحيثما ذهبت. أنت تفهم مثلي دوافعهم بلا شكّ.. لا بدّ أن يعوّضوا عن عقدة النقص والشعور بالدونيّة لديهم والذي يقضُّ مضاجعهم.. لا بدّ أن يُشعروا ذواتهم المعتلّة بوهم الأهميّة المفقودة.. إنهم يفعلون ذلك بوعي...

ثرثرةٌ على ضفاف النسيان | ٦ | لن أكذبَ عليك

(رسائل إلى نفسي.. لعلّها تذكّرُ أو تنفعها الذكرى) " الصدق ليس فضيلةً فقط.. الصدق حريّةٌ يعجز عن تذوّق جمالها معشر الكذّابين " لماذا كذبتَ من جديد؟ لماذا ضعفتَ ككلّ مرةٍ تدّعي فيها أنك اضطررت إلى الهروب عن طريق الكذب؟ ألم نتعاهد في آخر مرّةٍ على عدم العودة لمقارفة هذه الخطيئة الأبدية؟ أحاول أن أتفهّم كل دوافعك وتبريراتك المتجدّدة التي تتفنّن في إبتداعها عندما تكذب.. ولكنني لن أفعل مثلما تفعل، لن أفعل ما انتقدك بسببه، لن أكذب عليك.. وبعيداً عن إدّعاء المثالية التي تتّهمني بها، فإنه لم يسبق لي أن وجدتُ لك عذراً وجيهاً يجمّل لجوئك إلى الكذب.. سأكون أكثر صراحةً معك، وأعترف لك بأنني بالفعل مللت من وعودك الكاذبة! إلى متى تظنّني سأحتمل ما تفعله بنا؟ لا داعي لأن أذكّرك أن الكذب مهما زيّنته لك ذاتك هو ضعف وسقوط.. ولا داعي أيضاً لأن أكرّر بأنك قويّ ولا تحتاج إلى هذا. تحتاج فقط إلى أمرين تستطيع فعلهما حتماً.. أن تتحدّى مخاوفك التي أزرت بك.. وأن تواجه ضعفك الذي لطّخ قناعاتك.. افعلهما فقط، وأعدك عندئذٍ بأنك ستقول الصدق، ولا شيء سوى الصدق! الصدق ليس فضيلةً فقط.. الص...

ثرثرةٌ على ضفاف النسيان | ٥ | أنا ضميرك

(رسائل إلى نفسي.. لعلّها تذكّرُ أو تنفعها الذكرى) " طبيعتك الأوليّة هي مزيجٌ فريدٌ أبدعهُ الخالق بين الملائكة والشياطين، غير أنه أكرم منهما " أعلمُ أنني في كل مرةٍ أتسلّلُ فيها إلى يوميّاتك أو أكتبُ إليك فيها أبدو كُنهاً ثقيل الدم. كما أعلمُ أنك تفكر أحياناً بالتخلّص منّي أو إسكاتي على الأقل لتعيش كما تشاء دون مناكفاتي على الرغم من طيبتي معك، وذلك بسبب شغفك الذي لا يهدأ بالانطلاق والانعتاق.. ولكنه قدرنا أنا وأنت، ولا فكاكَ لنا من أقدارنا كما يُقال.. لا زلتُ مُرغماً على أن أتقمّص دور الضمير الذي يتحدثُ إليك بفوقيّة! لا زلتُ مجبولاً على أن أمارس عليك دور (الأنا العُليا) التي تحدّث عنها سيجموند فرويد. وفي الحقيقة، فأنا لا أُجيدُ غير لعب هذا الدور مهما حاولتُ أن أتحرّر منه، وقلّما أفعل!! أما أنت.. نفسي.. الوجه الآخر لي.. فإن حالك أيّاً يكن هو أفضل من حالي، وأنت بالطبع تدري لماذا؟ وإن كنتَ نسيتَ كعادتك فلا مندوحة من تذكيرك.. حسناً، يكفي أن لك مطلق الحرية في الاختيار.. في الانتقال خلال كل لحظةٍ تجرّبها ما بين نوازعك الخيّرة وغرائزك الشرّيرة، وبعبارةٍ أخرى، ما بين ...

ثرثرةٌ على ضفاف النسيان | ٤ | يومٌ لك ويومٌ عليك

(رسائل إلى نفسي.. لعلّها تذكّرُ أو تنفعها الذكرى) " استمتع بالأيام الجميلة، ولا تستسلم لتلك القبيحة، حاول استثمارها لصالحك بكل وسيلةٍ ممكنة، وأنا متأكدٌ بأنك ستنجح قليلاً وستفشل كثيراً! " مرّ عليك يومٌ جميلٌ آخر.. كم هذا رائع؟ كم تمنّيتَ أن الأيام كلها هكذا؟ كان بودّي أن أرتدي معطف اللطف في هذه اللحظة بالذات لأتماهى معك.. وكان بودّي أكثر أن أجيبك بما تحبّ سماعه في مثل هذه الأجواء المثالية التي تنتابك حالياً؛ أعني بأن هذا ممكنٌ بالطبع متى ما أردتَ أنتَ لا سواكَ ذلك، أو بأن هذا قرارك أنت وحدك، فلا تسمح لأحدٍ كائناً من كان أن ينتزع منك مزاجك المعتدل، ولا تسمح لأي ظرفٍ أن ينكّد عليك! كان بودّي... وبودّي... وبودّي.... لكنني وكما تعرفني لن أجاملك.. وفي نفس الوقت لن أخاتلك.. سأخبرك بالحقيقة التي أعرفها فقط ودون إضافات.. الحقيقة التي لا تجيد الإقبال ولا الإدبار، والباقي عليك.. تلك الحقيقة تقول وبكل وضوح أن الأمر وللأسف ليس بهذه السطحيّة التي يتحدّثون عنها بتكرارٍ ممجوجٍ كالببّغاوات أولئك الحمقى الذين يسمّون أنفسهم (مدرّبي تطوير الذات)..!! إذ أن للحياة فلسفتها الخاصة ف...

ثرثرةٌ على ضفاف النسيان | ٣ | عقلٌ وعواطف

(رسائل إلى نفسي.. لعلّها تذكّرُ أو تنفعها الذكرى) " إنّ بعضاً من العاطفة ستميّزنا عن الجمادات، وقليلاً من العقل سيميّزنا عن باقي الكائنات الحية " أنتَ تعرفني كما لا يعرفني أحد، وتعرفُ جيداً كم أحبك.. ولذلك، فإنك ستجدُ أن كل رسائلي إليك تستندُ إلى هذه الحقيقة المُجرّدة. وإذا سلّمنا بهذا الأمر من حيث المبدأ.. فسيبقى أن تعرف أنني لم أدّعِ يوماً امتلائي بالحكمة ولا امتلاكي للحقّ، فهذا يبدو بعيدَ المنال عني.. وسيبقى أن تتأكد أنني عندما أنصحك، وقلّما أفعل قياساً إلى حجم أخطائك، فأنا لا أقصد أن أمارس عليك نوعاً سلطويّاً من الوصاية العقلانية، مع مقدرتي على ذلك إلى حدٍّ ما.. والسبب في ذلك ليس سرّاً لا يُذاع.. بل أعترفُ لك بأن السبب يعود إلى عدم قناعتي بذلك أوّلاً، وإلى طبيعتك المنطلقة والمتمرّدة آخراً، وأنا لا أنوي بتاتاً أن أخسرك إن حاولتُ ممارسة قدرٍ أكبر من تلك الوصاية العقلانية عليك. سأعتمد في ذلك كما جرتْ العادة على تبصّرك وحسن تقديرك للأمور.. وفي المقابل، فإني وكما جرتْ العادة أيضاً سأنتظر منك كل التجاوب الملائم والطاعة المتدثّرة بالقبول والاقتناع عندما أتدخّل و أُ...

ثرثرةٌ على ضفاف النسيان | ٢ | بحر العلاقات

(رسائل إلى نفسي.. لعلّها تذكّرُ أو تنفعها الذكرى) " ستتعلم مع العمر والتجربة كيف تبحر بقاربك بسلاسةٍ  وأمانٍ في بحر العلاقات المضطرب حيناً والهادئ أحياناً "  هل تعتقد أنهم بالفعل يهتمّون لأمرك؟ أولئك الذين قد تصرفُ الكثير من الجهد والوقت والاهتمام لإرضائهم.. أولئك الذين ربما تسمّيهم معارفك وأقاربك وزملائك وغيرها من الأسماء التي تعرفها.. أولئك الذين إن أقبلت ابتسموا لك في وجهك، وإن أدبرت تحدّثوا عنك في غيابك بلا رحمة! ولماذا تعتقد أنهم سيفعلون؟ لا تكن ساذجاً إلى هذا الحدّ.. ولتكنْ واقعيّاً مثلي.. إنها طبيعة أغلب البشر في كل زمانٍ ومكانٍ بلا استثناء. ولذلك، أرجوك أن تتوقّفْ عن الاعتقاد بأن الجميع سيحبك ويثني عليك لمجرد أنك تريد ذلك.. لمجرد أنك قد تجتهد لتكون لطيفاً ومهتمّاً لأمرهم! مع أنهم في الحقيقة لم يطلبوا منك أن تفعل، وذلك لأنهم وببساطة يأخذون منك ما يريدون، دون زيادةٍ أو نقصان! توقّفْ عن رفع سقف التوقّعات، كي لا تُصاب بذات الصدمة والوجع مع كل علاقةٍ ستسمّيها بعد حينٍ بـ(الخاسرة). الأمر لا يستحق منك كل هذا العناء.. صدّقني.. ستتعلم مع ...

ثرثرةٌ على ضفاف النسيان | ١ | عثرتُ عليها

" كانت لا أكثر من.. ثرثرةٍ لنفسي على ضفاف النسيان " كتبتُ خلال حياتي العديد من الرسائل.. ثرثرتُ من خلالها كثيراً،.. وربما أصبتُ فيها قليلاً، لستُ متأكداً.. ولكني على الرغم من كل شيء متأكدٌ أني قد كتبتها وأرسلتها إلى الوجهة الصحيحة.. إلى نفسي، نفسي فقط.. ولكنها للأسف ولأسبابٍ خارجةٍ عن إرادتي كانت لا أكثر من.. ثرثرةِ لنفسي على ضفاف النسيان! فلا هي بعد أن وصلتْ إلى وجهتها كما أردتُ لها قد صعدت إلى الوعي واستقرّت فيه، بل ظلّت طيّ النسيان.. ولا هي قد وقعتْ بيدِ الآخرين، ولو بالخطأ، فاطّلعوا لمجرّد الاطلاع على ما سكبته فيها عبر السنين من قناعاتي وتجاربي ووجداني. هي رسائلُ فيّاضة ولكنها شفّافةٌ حدّ الإيلام في بعض الأحيان.. ربما لأنها ذاتية.. أو لأنها تفيضُ بالاعترافات.. وربما لأنها لم تُكتبْ أصلاً لتناسب ذوق أحدٍ أو لتثير انتباه آخرٍ سوى من كُتبتْ لأجله. ولأني قد عثرتُ عليها مؤخراً وبالصدفة في بقعةٍ منسيّةٍ من ثنايا عمري.. ولأن كل ما احتوته لم يكن في يومٍ من الأيام سرّاً يحسنُ بي إخفاؤه.. ولأنها مليئةٌ بالثرثرة التي لا غنىً لنا عنها، لنواصل م...