ثرثرةٌ على ضفاف النسيان | ١٠ | أما زلت تشتاق؟

(رسائل إلى نفسي.. لعلّها تذكّرُ أو تنفعها الذكرى)

" لماذا الحنين هو أصدق المشاعر الإنسانية وأعمقها أثراً؟ "

أما زلتَ تشتاق لأولئك الراحلين الذين غادروك إلى الأبد؟
وتلك الأشياء التي فارقتك إلى غير عودة؟
أصدقني القول يا صاحبي..
إذ لا مجال هنا للتنصّل من أسئلتي الموجعة..
قد تستطيعُ أن توهم الجميع بما تشاء إلّا أنا!
أنا الوحيد في هذا العالم الواسع الذي لا يحتاج إلى أن تبوحَ أو تسرُّ إليه بأي شيءٍ مهما صغر أو كبر، لأنني وببساطةٍ نفسك!
هل نسيت أو تناسيت؟
لا أعتقد ذلك، لكن يبدو لي أنك تحاول كسب بعض الوقت فقط لعلّني أغير رأيي أو أتراجع عن أسئلتي..
أضحكتني رغماً عنّي، فأنا لن أتراجع أبداَ..
هيّا أعترف..
لنعتبرها ليلةً من ليالي الاعترافات التي تتجّلى فيها..
لا حاجة إلى تذكيرك إلى ما في الاعتراف من إحساسٍ تعرفه جيداً، ذلك الإحساس الذي لا يُضاهي بالتحرّر، بالتطهُّر والانعتاق!
إذاً، هيّا، هيّا، لن تستطيع أن تنكر ذلك الشعور النوراني العميق الذي يغمرك مع كل اعتراف.
حمداً لله أنك قد اعترفتَ أخيراً..
مع أنّي كنتَ على يقينٍ من فحوى إجابتك منذ البداية..
أعني إجابتك التي لم تفاجئني بأنك بالطبع لا زلتَ تشتاق لهم، وتتوجّع من ذلك، فهذا ظنّي فيك ومعرفتي بك..
وما سألتكَ وألححتُ عليك لتعترف إلّا ليطمئنَ قلبي، لا أكثر.
آهٍ، كم هو مؤلمٌ هذا الشعور بالاشتياق؟
كم هو قاتلٌ الشعور بالحنين الذي هو ذروة الاشتياق!!
يا إلهي ارحمنا من أغلالنا التي جُبلنا عليها دون حولٍ منّا ولا قوة.
لطالما كنتُ أتساءلُ ولا أجدُ جواباً مقنعاً:
لماذا الحنين هو أصدق المشاعر الإنسانية وأعمقها أثراً؟
أليسَ لأن في الاشتياق إذعان، وفي الحنين إدمان؟
ونحن نجنح كثيراً في طبيعتنا نحو الإذعان لمن ولما نحب؟
ونحن نميل غالباً في سلوكنا نحو الإدمان على ما أِلفناه؟
ألا يبدو هذا منطقيّاً؟؟
لا بأس، جاء دوري لأعترفُ لك بأني حقّاً لا أدري!





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ثرثرةٌ على ضفاف النسيان | ١٣ | غرور

رحلة بريّة

الوعي⁩.. نواة الإنسانية والحضارة