ثرثرةٌ على ضفاف النسيان | ١٢ | معارك الحياة

(رسائل إلى نفسي.. لعلّها تذكّرُ أو تنفعها الذكرى)

" من يستسلم لجيوش الخوف.. لن يتشرّف بخوض معارك الحياة! "
الخوف..
ذلك الوحش الذي يولد معنا، بداخلنا، ومن أجلنا.
نحتاج إليه حتماً وإلى سطوته الجبّارة في كل تفاصيل حياتنا..
نستخدمه دوماً دون وعيٍ منا ليحمينا، ليضبط اندفاعنا، ليوازن قراراتنا، وليتحكم في مصائرنا في كل دقيقةٍ نحياها..
لكن.. يجب ألّا ننسى أبداً أنه في طبيعته وحش رهيب لا يمكننا السيطرة عليه وإن بدا لنا أليفاً ومفيداً، فسرعان ما يعلن عن وجهه الحقيقي القميء في أقرب فرصةٍ يتحيّنها متى ما انطلق من عقاله، لينقضّ علينا ويفترسنا..
الغريب أنه يعلم جيّداً بأننا لا قِبَل لنا بمواجهته متى ما أصبح حرّاً طليقاً، وهو ينتظر تلك الفرصة على أحرّ من الجمر!
وفي الحقيقة، فإن الخوف القابع في دواخلنا ليس وحشاً واحداً يسهل ترويضه..
كلّا ولا، بل هو وبلا مبالغة جيوش من الوحوش..
وحوشٌ لا نكتشفها حقّاً إلّا عندما تفاجئنا بضراوتها وذلك حينما نسمح لها أن تنطلق من أسرها داخل عقولنا..
حينها، وحينها فقط..
تذرع تلك الوحوش وفي جنون كل زاويةٍ وكل شبرٍ لتعيث فينا فساداً، دون  مانعٍ أو رادعٍ..
تجوس في شراسةٍ خلال كل مكنونات أنفسنا وأعضاء أجسادنا.
أمّا لماذا نسمح لهذه الجيوش من الوحوش أصلاً بالانفلات إذاعلمنا مدى خطورتها علينا؟
فجوابي أننا نفعل ذلك بالطبع دون قصد..
عندما نقرّر أن نتوقّف عن خوض غمار الحياة بكل ما فيها من فرحٍ وترح..
وعندما نصرّ على أن نبالغ في حذرنا تجاه مخاطر الحياة التي لا طعم لأيامنا إلّا بها..
وعندما نفضّل أن ننسحب من تفاصيلنا اليومية الصغيرة التي نأمل أن تفضي بنا إلى تحقيق أحلامنا..
وعندما نتعمّد أن نغتال آمالنا وطموحاتنا بغدٍ أفضل لأننا لن نجازف أو أننا لا نستطيع..
وعندما نقتنع بأن نعطي ظهورنا للاستمتاع بكل ما نملك وإن قلّ، طمعاً بما في أيدي غيرنا..
عند كل ذلك أو بعضه فإننا تلقائياً نستسلم دون إرادة للخوف وجيوشه الجرّارة.
أذكر أني كتبتُ ذات مساء:
من يستسلم لجيوش الخوف..
لن يتشرّف بخوض معارك الحياة!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ثرثرةٌ على ضفاف النسيان | ١٣ | غرور

رحلة بريّة

الوعي⁩.. نواة الإنسانية والحضارة