المشاركات

عرض المشاركات من مايو, 2019

ثرثرةٌ على ضفاف النسيان | ١١ | لقد خذلتهم

(رسائل إلى نفسي.. لعلّها تذكّرُ أو تنفعها الذكرى) " الخذلان هو أن يعطيك أحدهم ما فوق استطاعته، فلا تعطيه حتى ما تستطيع "      كنتُ قد حدّثتك عن نقائص عدّةٍ طواها العمر ولا يسرُّك الحديث عنها،   ولكني غفلتُ عن إحداهنّ وربما كانت أعظمهنّ. إنها الخذلان.. لا، لا، بالطبع لا أقصدُ من خذلوك، فهؤلاء قد مضوا في حال سبيلهم بخيرهم وشرهم.. وبرغم أنهم كُثُر، وخذلان بعضهم كان مؤلماً بحقّ، إلّا أنه لا يعنيني من أمرهم شيء، ولستُ عليهم بمسيطر.. ما يعنيني هو أنت.. وما أقصده هو من خذلتهم أنت! لماذا فعلتَ ذلك؟ وكيف تنظر إلى ما فعلت؟ في الحقيقة، أنا لا أعلم لمَ لم أعاتبك على هذا حينها، فقط أعلم أن هذه النقائص وإن تباعد بها الزمن فإنها حتماً لا تسقط بالتقادم. قد تجدُ أعذاراً مريحةً تسوقها إليّ مبرّراً بها خذلانك لمن علّق بك آمالاً عظيمة ذات يوم، غير أن أعذارك الباهتة تلك لن تنطلي عليّ يا قريني، وارتياحك الموهوم ذلك الذي تبديه بعد ما فعلتَ بهم لا يسعه خداعي.. وإن كنتَ ستزعم عقب اعترافك بخطئك بأن خذلانك لهم كان خارجاً عن رغبتك وإرادتك، وأنك لم تنوِ يوماً الإ...

(عمل) مسلوق!

(مقال) لطالما اعتقدتُ أن أيّ مجتمعٍ هو كائنٌ حيّ بطريقةٍ ما، ألا ترى معي أن المجتمع يتمتّع بعددٍ من خصائص الكائن الحي؟ إنه يحيا ويموت، ينمو ويتنفّس، يمرض ويشفى، ينام ويستيقظ، يتفاعل مع باقي الكائنات وله مزاجه الخاص أيضاً، وكما أن أيّ كائن حيّ يتكوّن في بنيته العضويّة من أعضاء وأنسجة قوامها الأساسي الخلايا، فإن الأمر ذاته ينطبق على المجتمع؛ وخلاياه في هذه الحالة هم الأفراد. ولذلك، فإن سلوك الأفراد/الخلايا حتماً سيؤثر على سلوك المجتمع/الكائن، ولا أدلّ على ذلك من بعض سلوك الأفراد الذي إذا وافق هوىً جمعيّاً تحوّل إلى سلوك مجتمع، وحينها نكون أمام ظاهرةٍ اجتماعية قد تُنتقد وتضمحلّ إن كانت غير مقبولة، وعلى النقيض فقد تتمدّد بعدما تلاقي قبولاً عاماً لتصبح ثقافة تسم هذا المجتمع أو ذاك وتميّزه عمّا سواه، وبالتالي فإن تراكم الثقافات زمنيّاً هو ما يصنع هوية الأمم، وهو أيضاً ما يجعلها في النهاية تتقدّم أو تتأخّر في سباق الحضارات المحموم الذي لا يرحم. فيما يخصّ مجتمعنا الفتيّ، فإننا نستطيع جميعاً رصد سلوكيات فرديّة واعدةٍ تبشّر بمستقبلٍ أجمل، وأخرى وخيمة أخشى أنها مرشحة لأن تتطوّر إلى ظا...

الوعي⁩.. نواة الإنسانية والحضارة

‏⁧(مقال) منذ النشأة الأولى أدرك الإنسان بأدوات عقله البدائية آنذاك أنه كينونةٌ مستقلةٌ بذاتها، قادرة على الفعل والتفكير وتوليد المشاعر، كما أدرك أيضاً وعبر حواسّه أنه كائنٌ مختلف عن باقي الكائنات والموجودات من حوله، وعن طريق هذه العمليات العقلية والحيوية نشأ لديه (الوعي) الذي أعتقد أنه اللبنة الأولى التي بنى بها إنسانيته وحضارته عبر العصور. يعتبر الوعي خاصية تميز الكائن البشري عن غيره من الكائنات والأشياء الطبيعية،  ومن هذا المنطلق جرى اعتبار أن الإنسان هو بالأصل ذات واعية، ولذلك فإن  الوعي كنشاط إنساني وعقلاني فريد متصل بالمعرفة قد يتقدّم أ ويتأخّر تبعاً لتشكّله عبر أكثر من سلطة متداخلة، هي بالترتيب حسب أهميتها؛  ‏الذات/الضمير، و ‏المجتمع/الثقافة، و ‏الدين/الأخلاق، وأخيراً  النظام/القانون. مع تطوّر الوعي نفسه، عكف الإنسان على تعريفه ومحاولة فهم ماهيّته عبر عدة أطروحات ‏متباينة، دشّنها الفلاسفة منذ القدم مروراً بمختلف أرباب العلوم، حتى تم إخضاع هذا المفهوم مؤخراً للتجارب والمعامل في محاولاتٍ لا تتوقف في سبيل تفسيره بشكلٍ أفضل، ومع ذلك فإننا لا نزال نستطيع ا...

ثرثرةٌ على ضفاف النسيان | ١٠ | أما زلت تشتاق؟

(رسائل إلى نفسي.. لعلّها تذكّرُ أو تنفعها الذكرى) " لماذا الحنين هو أصدق المشاعر الإنسانية وأعمقها أثراً؟ " أما زلتَ تشتاق لأولئك الراحلين الذين غادروك إلى الأبد؟ وتلك الأشياء التي فارقتك إلى غير عودة؟ أصدقني القول يا صاحبي.. إذ لا مجال هنا للتنصّل من أسئلتي الموجعة.. قد تستطيعُ أن توهم الجميع بما تشاء إلّا أنا! أنا الوحيد في هذا العالم الواسع الذي لا يحتاج إلى أن تبوحَ أو تسرُّ إليه بأي شيءٍ مهما صغر أو كبر، لأنني وببساطةٍ نفسك! هل نسيت أو تناسيت؟ لا أعتقد ذلك، لكن يبدو لي أنك تحاول كسب بعض الوقت فقط لعلّني أغير رأيي أو أتراجع عن أسئلتي.. أضحكتني رغماً عنّي، فأنا لن أتراجع أبداَ.. هيّا أعترف.. لنعتبرها ليلةً من ليالي الاعترافات التي تتجّلى فيها.. لا حاجة إلى تذكيرك إلى ما في الاعتراف من إحساسٍ تعرفه جيداً، ذلك الإحساس الذي لا يُضاهي بالتحرّر، بالتطهُّر والانعتاق! إذاً، هيّا، هيّا، لن تستطيع أن تنكر ذلك الشعور النوراني العميق الذي يغمرك مع كل اعتراف. حمداً لله أنك قد اعترفتَ أخيراً.. مع أنّي كنتَ على يقينٍ من فحوى إجابتك منذ البداية.. أعني إجابتك التي لم ...

ثرثرةٌ على ضفاف النسيان | ٩ | تديّنك لك

(رسائل إلى نفسي.. لعلّها تذكّرُ أو تنفعها الذكرى) " التديّن وما ينطوي عليه من عباداتٍ وإيمانيّاتٍ شانٌ فرديّ خاصّ بين الإنسان وربه، وليس شأناً مجتمعياً" أتفقُ معك بأن الأمر محيّرٌ جداً! أعني مفهوم التديّن بين الفرد والمجتمع. وأقصد مظاهر التديّن التي يسرفُ في إظهارها كثيرٌ ممّن نراهم حولنا في كل مكان، وكأنهم ينتظرون قبول أعمالهم والمثوبة من الناس لا من ربّ الناس!! والأدهى من هذا هو كمية النصائح الدينيّة التي يسدونها ليل نهار لترسم للآخرين طريقاً أوحداً لقناعاتهم هم عن طبيعة التديّن الصحيح المقبول عند الله حسب زعمهم.. أمّا الأمرّ من ذلك كله فهو حجم الوصاية التي يحاول هؤلاء القوم بتعنّتهم ممارستها على الآخرين.. حتى أنهم وصلوا إلى درجة تسميتها الدعوة إلى الله وما يتفرّع عنها من المناشط الدعويّة، مع أننا نعلم جميعاً أن الدعوة تكون لغير المسلمين وليس للمسلمين الموحّدين من إخوتهم!! أعلم أنه أمرٌ لا يمكن تصديقه ولكنها بعض الحقيقة. التديّن وما ينطوي عليه من عباداتٍ وإيمانيّاتٍ شانٌ فرديّ خاصّ بين الإنسان وربه، وليس شأناً مجتمعياً.. إذ لا علاقة للمجتمع بتديّنك وعباداتك لا...