المشاركات

عرض المشاركات من نوفمبر, 2018

رحلة بريّة

(أُقصوصة) - تأخّروا كثير الشباب.. العشاء قرّب يستوي وأخاف يطوّلون علينا أكثر ويبرد. - الله يهديهم، توني كلّمتهم قبل شوي وقالوا حنا قريب، لكن ما يمنع نشوف وين صاروا الحين. التقط حمد هاتفه الجوال المُلقى أمامه على السجادة التي يتشارك الجلوس عليها مع فهد المشغول بالطبخ على موقد الغاز المخصّص للرحلات.. عاود حمد الاتصال بخالد وحسين اللذين أخبراه أنهما قد وصلا بالفعل إلى الموقع حسب الإحداثيات التي أرسلها لهما، ولكنهما توقّفا بجانب الطريق الإسفلتي على أطراف (الشعيب)، ذلك أنهما يخشيان من الضياع داخله في هذه الليلة الشتوية الظلماء التي لا قمر فيها، حيث أنها كانت آخر ليالي الشهر الهجري، وكان حمد قد أخبرهما سلفاً عن كثرة ووعورة الدروب والمسالك البريّة المتشابهة التي تخترق هذا الشعيب الجديد عليهما، والتي تتقاطع فيما بينها فيما يشبه المتاهة الصحراوية. - فهد، بستأذنك دقايق.. الله لا يهينك خفّف النار على عشانا، وأنا بطمر أجيب الشباب، هذاهم ينتظروني عند مدخل الشعيب. - طيب، لكن لا تتأخرون تكفى. قفز حمد إلى سيارته (الوانيت) وهو لا يزال يضع هاتفه الجوال على أذنه متحدّثاً إلى خال...

جاثوم ليلة صيف

(أُقصوصة) لقد انقضت أسوأ لحظات مرّت عليّ طوال حياتي.. انقضت باستسلامي بعد أن بذلت كل جهد ممكن وغير ممكن، لقد حاولت وحاولت ربما للمرة الألف أن أفتح عينيّ الغارقتين في الظلام المرعب، ولكن دون جدوى. جرّبت مراراً بكل ما استجمعته من قواي التي خذلتني أن أحرّك أيّاً من يديّ المشلولتين، غير أني فشلت في هذا أيضاً، حتى رجليّ وظهري وكل عضلةٍ في جسمي لا تستجيب لإرادتي.. رحماك يا ربي.. على الرغم من استسلامي الموجع إلّا أن عقلي المأفون لم يكفّ عن محاولاته وهو يتساءل في وهن: - مالذي يجري؟ الأمر يتجاوز بلا شكّ إصابتي بالشلل، إنه أكبر بكثير من ذلك، لا مجال أبداً لبصيصٍ من الطمأنينة وأنا على حالتي هذه، أغوصُ في بحرٍ من العجز واليأس. لقد قاومت خوفي الرهيب والمتصاعد منذ أن استقيظت من نومي، بيد أني كنت أنهار رعباً مع كل محاولةٍ فاشلةٍ أخرى.. لم أعد أرغب بالمزيد من المحاولات التي لا تزيدني إلّا إرهاقاً ووجعاً. إذا كان ولا بد من الخضوع لقدري السرمديّ هذا، فلا أقلّ من فعل ذلك كمؤمنٍ حقيقيّ؛ بقلبٍ مطمئنٍ ونفسٍ راضية. لقد دعوت الله بكل رجاء كما لم أفعل من قبل حتى ابتلّت عينيّ المغم...