يُمهلُ ولا يُهمل
(أُقصوصة) كانت سيارتهم الصالون الكبيرة لا تكاد تتّسع حتى لطفلٍ إضافي، فأفراد العائلة التسعة قد توزّعوا على الصفوف الثلاثة بالتمام والكمال.. وبالرغم من أن مقصورة السيارة كانت تغصّ بأجسادهم إلّا أن جوّاً من السعادة الحقيقية والدفء العائلي كان يخيّم عليهم وهم ينطلقون عائدين إلى منزلهم قبيل منتصف الليل، وذلك بعد أن قضوا ليلةً استثنائية في مسقط رأسهم وهي تلك القرية الوادعة القريبة من الرياض، حضروا واستمتعوا خلالها بحفل زواج أحد أقاربهم. كان هيثم يجلس خلف مقود السيارة التي تتهادى كالسفينة وهي تمخر ذلك الطريق الخالي الممتدّ أمامه بلا نهاية، ولم يكن قادراً على أن يخفي ابتسامته العريضة وهو يحاول جاهداً إرضاء الذائقة الفنّية لأخواته المشاكسات الثلاث اللاتي يكبرنه عمراً، ويتقاسمن مع أمهنّ الصف الثاني من مقصورة السيارة، بينما كنّ الأخيرات يتنازعن فيما بينهنّ كعادتهنّ مع اختيار كل أغنية جديدة يضعها هيثم، والتعليقات المضحكة التي يتقاذفنها لا تتوقف. أما الأمّ، فقد كانت تستفيض في سرد أدقّ التفاصيل والأحداث التي رصدتها أثناء حفل الزواج، وقد دنت بوجهها من أذن الأب الستيني الوقو...